مدونة أحمد

درس أخير

-
13 يونيو 2021

أظنني ممن قد يطلق عليهم "مدمني عمل"، لا أشعر بأي رضا عن النفس إن لم أكن أعمل وأعمل بجد، وأعاني من رهاب شديد من "الخوف من فوات الشيء" أو ما يعرف بالـ FoMO؛ لذا لا استطعم الحياة إلا بعمل يشغلني .. 

ويمكن أن أصف حياتي كما وصفتها Letty في أحد أفلامها عندما قالت "أشعر بنوع من السلام وسط الفوضى، يبدو الأمر كما لو أنني بحاجة لمواجهة العالم وجها لوجه لأشعر بالحياة - بعيدًا عن حياة الظل"، نعم؛ أنا مثلما قالت تمامًا.

“There's peace for me in the chaos. It's like I need to face the world head on or something to feel alive.” - Letty

في صغري، أيام الجامعة، حاولت التخلص من هذا الإدمان دون فائدة، إلى أن قررت في لحظة ما التعايش معه، نجح الأمر لسنوات عدة، لكن وما أن بدأت حياتي العملية واختلط - هذا الإدمان - باكتشاف صفات أخرى جديدة = ما لبثت إلا أن عرفت حقيقة وهشاشة هذا التعايش.

فبجانب إدماني على العمل، أنا خجول بشكل غير مبرر، أخجل من قول "لا" مهما كانت الظروف التي أمر بها، كما أني أخجل من طلب أي حق، ما يعقد الأمر ويزيد من تشتت أفكاري، قد يكون هذا بسبب ما يعرف بمتلازمة المحتال، فأظن أني أعاني منها أيضًا، لا أعلم.

بسبب كل ما ذكرت، غالبًا ما انتظر المبادرة من الطرف الآخر، كأن يشعر بأني غير متاح في الوقت الحالي، أو أنّي أمر بضغوط عمل لا تسمح لي بقبول أي طلب آخر، أو حتى أن يشعر بعد انتهاء العمل بأن لي حق، وإن كنت ستسأل؛ فنعم في أغلب الأحيان أتعامل مع الجميع دون أي اتفاق مسبق وأخجل من طرح الموضوع.

تنتهي أعمالي غالبًا بشعور لا يوصف، بالخذلان، فلا طالبت بحق، ولا تجرأت على قول "لا"، ولا الطرف الآخر الذي انتظرت منه المبادرة بادر؛ فينتهي الأمر بدخولي في فترة "غمة" لا أعرفني فيها، ودخول فترة الغمة هذه لا يكون إلا بعد فترة طويلة من الزمن، وتحمل الكثير من الضغوطات؛ فلا أخرج منها إلا بانسحاب كبير.

درس أخير؟ 

تواجدي في أماكن، أكون فيها المسؤول الأول عن كل شي هو السبب الأكبر لكل معاناتي، فكلما زاد حجم المسؤولية زادت الحقوق وازداد خجلي فيزداد نتيجة لهذا شعوري بالخذلان؛ فأدخل في دائرة غُمم لا مخرج منها إلا بانسحاب كبير أشعر بعده بندم.

ماذا عاهدت نفسي؟ لن أحمّل نفسي أي مسؤوليات أخرى، أو على الأقل قد ينطبق هذا الوصف على ما أرغب في البوح به:

"عليك أن تتحمل عن طيب خاطر عبئًا ثقيلًا بما يكفي حتى لا تشعر بالملل وليس ثقيلًا جدًا بحيث يسحقك". 

ماذا الآن؟ لا شيء، سأبدأ الانسحاب وحرق سفن العودة، أظن.