كتب Edmund burke:
Nobody made a greater mistake than he who did nothing because he could do only a little
أي أن أعظم خطأ قد يرتكبه الإنسان، هو عدم فعله لشيء لظنه أن هذا الشيء قليل وغير مؤثر.
ترعرعت في رحاب كشفية، وانخرطت في العمل التطوعي منذ طفولتي، لكن ما إن كبرت قليلا وسيطر علي شغف التقنية، حتى تركت جميع المناشط وأصبحت كل حياتي تتمحور حول عملي و قراءاتي كمبرمج (مطور ويب).
ولأن "كشّاف مرة كشّاف للأبد"،
لم أفقد منذ ذلك الحين حب التطوع ومساعدة الآخرين، وكنت ومازلت أتضايق عندما أرى الجميع ينخرطون في الأعمال التطوعية خصوصًا في أوقات الأزمات والكوارث، بينما أنا جالس خلف الشاشة مكتوف اليدين .. لماذا لا أذهب وأشارك معهم؟
لسبب ما - لا أعرفه - لا أستطيع! والحقيقة هي أني لا أعرف كيف ومن أين أبدأ .. أذكر جيدًا منذ سنوات قليلة في جنازة لأحد الأقارب، كنت أذهب يوميًا ولمدة أسبوع، أجلس في نفس المكان في انتظار أن تطلب مني المساعدة، في الوقت الذي أتأمل فيه الغير يندفعون لإنجاز أشياء لم تطلب منهم! هم فقط هناك، يعرفون جيدًا ما يجب عليهم فعله.
# ما العمل إذا؟
بعد عدة تجارب ومساهمات وجدت أن التطوع عن بعد هو الحل الأمثل بالنسبة لي. توجد الكثير من الأفكار أو المشاريع التي وجدت أن مساهمتي فيها بهذا الشكل قد أحدثت تغيير ما. هي مشاريع قد تكون ببساطة لملء أي فجوة موجودة.
مثلا منذ فترة ومع بداية الحرب على طرابلس ومع حاجة الكثير من الناس للتواصل مع جهات الطوارئ والدفاع المدني، بدأت بعض الصفحات على الفيسبوك بنشر العديد من أرقام الهواتف للتواصل مع هذه الجهات. ما الذي ساهمت به؟ ببساطة قمت ببناء موقع إلكتروني (sos.ly) يحتوي على قائمة بأهم أرقام الطوارئ داخل مدينة طرابلس. زار الموقع خلال الشهر الأول من إطلاقه حوالي 10,000 شخص.
وعندما قررت تغيير أسلوب حياتي وخفض بصمتي الكربونية، كنت أيضًا أتضايق عندما أرى الآخرين يساهمون في حملات تشجير وتنظيف للمدينة بينما أنا وكالعادة خلف الشاشة أتأمل. ما الذي ساهمت به؟ قررت أن أتبرع بشكل شهري لزراعة أشجار حول العالم، وخلال الثمانية أشهر الماضية قمت بالتبرع لزراعة حوالي 2,650 شجرة، يمكنك زيارة "مزرعتي" هنا :).
اليوم، وبينما العالم كله يحارب انتشار فيروس كورونا المستجد، ومع إجراءات الحجر المنزلي وازدياد معدل انتشار الشائعات، تواصل معي الصديق أمجد للتطوع وتطوير موقع إلكتروني للمركز الوطني لمكافحة الأمراض (covid19.ly) بحيث يكون المنصة الوحيدة لنشر أخبار وإحصائيات عن الحالات المسجلة، وافقت فورا وبدأت العمل. زار الموقع خلال 5 أيام فقط حوالي 300,000 شخص، وعند الإعلان عن أول حالة إصابة في ليبيا، وصل عدد المستخدمين الفعالين في نفس اللحظة إلى 3500 شخص.
ما الذي تعلمته من المساهمة في موقع المركز الوطني لمكافحة الأمراض؟ أن ملء فجوة "مصدر الأخبار" هو شيء مهم ويحتاجه الجميع، فبمجرد انتشار خبر تسجيل أول حالة إصابة قرر عدد كبير جدا من الناس زيارة الموقع والتأكد من صحة الخبر.
# ماذا عنك! كيف يمكنك أن تساهم أنت أيضًا؟
تختلف المساهمة باختلاف مجال عملك واهتماماتك، سواء كنت مبرمج أو مترجم، وهذه بعض الأفكار:
- - مترجم؟ ساهم بترجمة مقالات من مصادر موثوقة
- - إعلامي؟ ساهم بتكذيب الإشاعات بأسرع وقت ممكن
- - مبرمج؟ ساهم ببناء وبرمجة منصات تساعد الآخرين خلال أوقات أزماتهم
- - رسام أو مصمم؟ ساهم برسم أو تصميم لوحات توعوية ونشرها في كل مكان
- - مؤثر بشكل ما؟ ساهم بتسجيل فيديوهات توعوية وطلب نشرها قدر الإمكان
- - حتى نشرك ومشاركتك للمحتوى ذا المصداقية والمفيد هو مشاركة فعالة لأن حجم انتشار أي شيء هو جزء أساسي في نجاحه
فقط تأكد أنه يمكنك فعل الكثير بمجرد الجلوس خلف الشاشة.
# وأخيرًا ..
إن كنت فعلا صادقا في رغبتك بالمساهمة والتطوع عن بعد، لا تنتظر تكوين فريق "خبراء" لتكون جزءً منه .. ابدأ بشكل فردي ولا تنتظر أحد، ثم إن احتجت المساعدة ستجدها فورًا.
# وتذكّر ..
كما أجاب محمد أبوغرارة يومًا ما .. " كنت واثقا دائما، أنه دائما هناك ما يمكن عمله لجعل الأمور أفضل ولو قليلا"